۳ آذر ۱۴۰۳ |۲۱ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 23, 2024
رمز الخبر: 346799
٢٤ سبتمبر ٢٠١٦ - ٢٢:٠٤
صور قديمة تتعلق بفاجعة مدرسة الفيضية بقم المقدسة يوم استشهاد الإمام الصادق (ع)

وكالة الحوزة ـ بادرت قوات الشاه بالضرب و توجيه السب و الشتائم لطلبة العلوم الدينية المقيمين بمدرسة الفيضية، وكان ذلك في المجلس الذي أقامه آية الله كلبايكاني في تلك المدرسة الموافق لاستشهاد الإمام الصادق (ع) في 22 من مارس عام 1963 حيث عرفت هذه القضية فيما بعد بفاجعة مدرسة الفيضة.

وكالة  أنباء الحوزة ـ إستاء محمدرضا شاه بهلوي من معارضة الإمام الخميني أشد الإستياء و قرّر مواجهة رجال الدين بشكل مباشر ليرعبهم و يرغمهم على السكوت.
و في يوم الجمعة الموافق لـ 22 مارس من عام 1963 الميلادي و هو يوم ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام،كان الإمام الخميني قد أقام مجلس العزاء في بيته و عادتاً في تلك المناسبة يتناول فيها الدعاة و الخطباء  أحاديث الإمام و مسيرته العلمية و الجهادية.
دخلت مجموعة من القوات الخاصة الملكية (الشهيرة بالقوات الخالدة) مدينة قم مستخدمين حافلات خاصة بهم و متنكرين بزي مدني آتين من طهران و شاركوا بمجلس العزاء الذي أقامه الإمام الخميني في بيته و حاولوا تشويش الجلسة و إيجاد الهرج و المرج بتصرفات غيرلائقة .

249910
و عندما رأى الإمام تلك المؤامرة أمر أحد تلامذته و هو الشيخ صادق خلخالي ليبلّغ من في المجلس: من أنّه إذا قام أحدهم بمثل هكذا تصرفات فإنّ الإمام سوف يخرج إلى حرم السيدة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم عليه السلام و يتحدث مع الناس مباشرة و يخبرهم عن ممارسات النظام و أفعاله.
و كان تهديد الإمام مؤثّراً و سبّب فشل مؤامرة جلاوزة الشاه. من جانب آخر فقد انتقلوا عصر ذلك اليوم إلى المجلس الذي أقامه آية الله كلبايكاني في مدرسة الفيضية و قاموا بإثارة الفوضى هناك أيضاً و بعد تعطيل المجلس قاموا بالضرب و توجيه السب و الشتائم لطلبة العلوم الدينية المقيمين بالمدرسة. و كانت ردة الفعل من جانب الطلبة هو الدفاع عن النفس بالعصى و رمي الحجارة نحو اولئك المندسين. و بسبب ذلك قامت القوات المسلحة باقتحام ساحة المدرسة بعد محاصرتهم لها مسبقاً فقد كانوا يرتقبون تلك اللحظة و كأنّ ذلك الهجوم كان مخطط له من قبل. فساعدوا القوات الكماندوز الخاصة الملكية في ضرب الطلبة و جرحهم بشكل مبرح و وجهوا الكلمات النائية و الشتائم لعلماء الدين و المراجع و المقدسات الإسلامية. بعد الإنتهاء من هجومهم قاموا في طوابير عسكرية منتظمة و رفعوا الشعار الخاص بهم: (الخلود للملك).
استمرت تلك المعركة إلى الساعة السابعة مساء من ذلك اليوم و في نهاية المطاف أحرق جلاوزة الشاه ملابس و كتب و أمتعة الطلبة بعد ما أخرجوها من غرفهم الخاصة بهم و جمعوها في وسط ساحة المدرسة.
فور معرفة الإمام الخميني بوقوع تلك الجريمة قرّر الإنطلاق نحو المدرسة، لكن الطلبة الحاضرون في بيته منعوه عن ذلك و أقسموا عليه ألّا يترك البيت خشية تعرّضه للخطر و آخرون أغلقوا أبواب البيت توقعّاً منهم من أنّ تلك القوات قد تقتحم البيت. و عند توجّه الإمام نحو الباب عاتبهم و قال لهم متسائلاً: (من سمح لكم بغلق الأبواب؟) و بدأ بإلقاء محاضرة في ظلّ تلك الظروف المرعبة ليفضح فيها هوية الكيان الشاهنشاهي المجرم، و في نفس الوقت يطمئن الحاضرين بتلك الكلمات الشجاعة :
(لاتحزنوا و لاتقلقوا و لاتضطربوا. أبعدوا عن أنفسكم الخوف و الهلع. أنتم مقتدون بأئمة صبروا على المصائب و الفجائع و استقاموا في الطريق. و ما نلاقيه اليوم ليس شيئاً يذكر بجانب ما لاقاه اولئك الأئمة. إنّ قادتنا عاشوا ظروفاً مثل يوم عاشوراء و ليلة الحادي عشر من محرم. هم تحمّلوا مثل تلك المصائب في سبيل الله. فماذا تقولون أنتم اليوم؟ و ممّا تخافون؟ و لما تضطربون؟ عارٌ على من يدّعي اتباع أميرالمؤمنين و الإمام الحسين عليهما السلام أن يفقد طمأنينته حيال هذه التصرفات الفاضحة للسلطة الحاكمة. القوات الحاكمة بارتكاب هذه الجريمة فضحت نفسها و كشفت اللثام بشكل كامل عن بربريتها الجنكيزية! هذه السلطة الجبّارة كتبت هزيمتها و انهيارها بارتكاب هذه الفاجعة. كنّا نتمنى من الله أنّ هذا النظام يظهر حقيقته و يفضح نفسه بنفسه.
إنّ عظماء الإسلام قُتِلوا و سُجِنوا و قدّموا تضحيات كبيرة في سبيل حفظ الإسلام و أحكام القرآن إلى أن حفظوها و أورثوها لنا. علينا أن نستعد لتحمّل كلّ الأذى لمواجهة المخاطر التي تهدد الإسلام و المسلمين لنقطع بذلك أيادي الخونة للإسلام و نقف في وجه أغراض و مطامع هؤلاء. )
و في اليوم التالي التقى الإمام الخميني بمجموعة ممن اجتمعوا في بيته و طلب منهم أن يزوروا مدرسة الفيضية ليشاهدوا تلك الجريمة اللاإنسانية للسلطة الحاكمة عن كثبٍ و كذلك يعودوا الجرحى من الطلبة  في المسشتفيات و ليدركوا ماارتكبته و جنته تلك السلطة الجائرة بحق رجال الدين.
محمدرضا شاه بهلوي كان يتوهم أنّ ارتكاب مثل تلك الجريمة تجاه المراجع و الفقهاء و على رأسهم الإمام الخميني سوف يبعث الرعب في قلوب رجال الدين و أساتذة الحوزات العلمية و من أنّهم قد يتخلون عن ساحة السياسة، أو من أنّه قادر على تهميش عدد كبير من العلماء و رجال الدين و بثّ الفرقة بينهم.
و لمزيد من بثّ الرعب و منعاً من حدوث أيّ ردة فعل أو صرخة اعتراض لماجرى في المدرسة الفيضية، بعث الشاه رئيس شرطة مدينة قم إلى مراجع الدين و هدّدهم بالقتل و هدم البيوت و اغتصاب أعراضهم إذا ماقاموا بأي اعتراض، لكنّ الإمام الخميني رفض اللقاء به و لم يخش تلك التهديدات و الهمجية بل استمرّ في الكفاح ضد النظام الشاهنشاهي بكلّ الثقة و الإيمان بأحقيّة مسيرته النضالية ممّا نجم عنه إنسجام و وفاق أكثر بين رجال الدين.

2_8711050641_l600

إنّ كلمات الإمام القارعة و الجرئية في يوم الفاجعة و غداته كسرت طلاسم الرعب في القلوب المضطربة.
إنّ الجريمة التي ارتكبها جلاوزة الشاه في ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام، أثارت موجة استياء كبيرة بين الجماهير المتدينة في مدن عدّة مثل قم و مشهد و حتّى في طهران العاصمة. و بسبب الواقعة امتنع ائمة المساجد من إقامة صلاة الجماعة لمدة أسبوع في طهران و عدة مدن أخرى إعتراضاً على تلك الجريمة، كما بعث بعض الفقهاء و مراجع الدين و جميعة العلماء المناضلين في طهران و بقية الحوزات العلمية في المدن الأخرى ببرقيات التضامن مع مراجع الدين في قم لاسيما الإمام الخميني و استنكروا بشدّة العدوان على المدرسة الفيضية و حمّلوا النظام الشاهنشاهي المسؤولية المباشرة و الأصلية لتلك الجريمة و أعلن آية الله الخوئي صراحتاً أنّ الشاه هو المسؤول المباشر عن تلك الفاجعة.
و كذلك آية الله الحكيم أرسل برقية إلى 32 من المراجع و العلماء في إيران و بعد إظهار تأسّفه الشديد لما حدث في قم و طلب منهم الهجرة الجماعية إلى العراق و ممارسة الضغط على نظام بهلوي من خلال ذلك، لكن مراجع الدين في قم و ردّاً على مقترح آية الله الحكيم لم يكونوا يروا مصلحة في تلك الهجرة العلمائية و صرّحوا بأنّ ذلك سوف يؤدّي إلى سقوط الحوزات العلمية و بالتالي افتقاد البلد استقلاليته .
فاجعة الفيضية أظهرت الصرامة الثورية للإمام الخميني و أثبتت عدم تسامحه قبال تجاوزات النظام الشاهنشاهي. حاول النظام جاهداً إخفاء ضلوعه في تلك الجريمة فسارع إلى إعلان أنّما حصل كان نزاعاً بين مجموعة من المزارعين المؤيدين للإصلاحات الزراعية و مجموعة من الطلبة المخالفين للاصلاحات و من أنّ ذلك النزاع أدّى إلى وفاة أحد اولئك المزارعين!
و رغم كلّ محاولات السلطة فإنّ التقارير التي نشرت فيما بعد عن جهاز الإستخبارات، دلّت و بقوّة على أنّ تلك الواقعة زادت من شعبية الإمام الخميني بين رجال الدين و بقية طبقات المجتمع الإيراني. و رغم الرقابة المشددة من قبل الاستخبارات و جهاز الشرطة، إلّا أنّ بيانات الإمام انتشرت في العديد من المدن و القرى الإيرانية. و عشرات آلاف من صور الإمام ألصقت وراء نوافذ الحافلات و شبابيك المحلات التجارية في طهران و المدن الأخرى، كما زار عدد كبير من الوجهاء و الشخصيات البارزة من مختلف الطبقات الاجتماعية الإمام الخميني و أعلنوا بيعتهم و وفاءهم لمسيرته النضالية و كانت من بين تلك المجموعة قوات من الجيش، رغم احتمالٍ كبيرٍ لتعرّضهم للتصفية الجسدية أو عزلهم من عملهم.
و لمزيد من المواجهة و تحقير رجال الدين، أمر محمدرضا الشاه أن يأخذوا طلبة العلوم الدينية للخدمة العسكرية و ينزعوا عنهم ملابس رجال الدين و يلبسونهم الزي العسكري، لكنّ الإمام الخميني بعث خطاباً إلى اولئك الطلبة في المعسكرات و طلب منهم أن لايفقدوا ثقتهم و اعتبرهم من جنود الإمام المهدي و حمّل على عاتقهم  مسؤولية توعية القيادات و الجنود في الجيش ليعرّفوا ظلم الشاه  لهم، كما طلب منهم أيضاً أن يستفيدوا من تلك الفرصة لتقوية المبادئ الروحية و الطاقات الجسدية و استيعاب التعليمات العسكرية.
و بعد مضي أربعين يوماً من تلك الفاجعة الأليمة، أصدر الإمام الخميني بياناً شديد اللهجة ليحوّل المناسبة الأربعينية لمواجهة مباشرة مع شخص الشاه. صراحة الإمام و شجاعته المنقطعة النظير و مواقفه الثورية سبّبت ازدياداً شعبياً للإمام في المجتمع و أدّى إلى أنّ العديد من المجموعات و الطبقات الاجتماعية في ايران اعتبرته قائداً دينياً و سياسياً.

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha